التعليم 

أكاديمية الدار البيضاء سطات … في حاجة الى تدخل وزاري عاجل لإعادتها على سكة الاصلاح ؟

قبس بريس:

في السنوات العشر الأخيرة ، لمع اسم أكاديمية الدار البيضاء سطات كواحدة من أنجح الأكاديميات الجهوية على الصعيد الوطني، بعدما بصمت على مسار تربوي رائد تميز بتجريب عدد من المشاريع الإصلاحية الكبرى ذات البعد البيداغوجي والتنموي، والتي شكلت حينها نماذج يُحتذى بها في باقي جهات المملكة.

ومن بين أبرز الأوراش التي احتضنتها الأكاديمية مشروع الأقسام المشتركة، والتربية الدامجة، والتعليم الأولي، وإدماج اللغة الأمازيغية، …ومبادرات أخرى رائدة شملت النقل المدرسي، والمدارس الجماعاتية، والمدارس الإيكولوجية، فضلاً عن مهرجانات المسرح المدرسي، والسينما التربوية، والمخيمات الصيفية، ومحترفات الإبداع التربوي و الثقافي و البيئي ، بالإضافة إلى شراكات متعددة مع منظمات دولية وإقليمية.

هذه الدينامية أسهمت في تحسين المؤشرات التربوية بالأكاديمية الجهوية للتربية الوطنية  لجهة الدار البيضاء سطات ، ورفعت من مردوديتها ونتائجها الدراسية، ما جعلها تحتل مراتب متقدمة على المستوى الوطني، وتُصنف كنموذج ناجح في تنزيل السياسات التربوية.

لقد مرت قرابة خمسة أشهر على تعيين السيد محمد ديب مديرا جهويا لأكاديمية جهة الدار البيضاء سطات ، بدأت معه ملامح التراجع تظهر تدريجياً، وسط تساؤلات المتتبعين عن الأسباب الحقيقية وراء فقدان الأكاديمية لبريقها التربوي، وتحولها من مؤسسة مُحفزة للإبداع والابتكار إلى مجرد هيكل إداري جامد.

تشتعل الصراعات داخل المديريات بالجهة ، و التجاوزات الادارية الخطيرة ، فضل مدير الأكاديمية أن يلتزم في شأنها الصمت و عدم التدخل قصد الحد من الاختلالات الادارية خاصة بالمديرية الاقليمية بسيدي بنور ، حيث الشطط في استعمال السلطة و ارتكاب أخطاء ادارية جسيمة ، و الاعتداء على موظفين فضلوا أداء رسالتهم بكل روح وطنية ، فتعرضوا لأبشع النعوت و السب و القدف و هم يؤدون واجبهم المهني ، بل هناك من تم طرده من الادارة و الاعتداء عليه كما حدث بثانوية يوسف بن تاشفين  الاعدادية ، و هناك من مارس النصب و الاحتيال و التهديد و غيرها من الأفعال التي يعاقب عليها القانون كما هو الشأن لما حدث بثانوية المختار السوسي الاعدادية ،و هناك من رفض تسلم رسائل “تظلمات ” موجهة الى المديرية  ، و تم تسجيلها عن طريق المفوض القضائي…  و يزداد الوضع تفاقما بالعديد من المؤسسات ، ( ثانوية ابن عربي التأهيلية ، ثانوية محمد الخامس التأهيلية ، ثانوية دكالة التأهيلية ، مجموعة مدارس المشرك …) و اللائحة تطول دون أن نجد للأكاديمية تحركا يعيد لهذه المؤسسات الرسالة التربوية التي سلبت منها قهرا و حولها مسيروها الى حلبة صراع أو ضيعات تابعة لهم بل منهم من اعتبر نفسه فوق جميع اللجان الاقليمية فتحول بقدرة قادر الى مكتب ” لونسا ” دون علمها يحرق و يتلف من المواد كما يريد و كيف يشاء ، و منهم من أصبح همه هو اشعال الفتن في المؤسسات المجاورة حتى تعم الفوضى ، و منهم من سمحت له نفسه بإيذاء موظفين ، فقط لأنه يحمل صفة ” مدير ” فكم من أستاذة تعرضت للتعسف و كم من أستاذ و مساعد تربوي لا حول له و لا قوة … ضلت رسائلهم في شأن ” التظلم ” حبيسة الرفوف ، و المديرية عاجزة تماما عن ردع المخالفين بما تقتضيه النصوص القانونية و الادارية .

فمنذ تعيين مدير الأكاديمية السيد محمد ديب في شهر فبراير الفائت ، و الكل كان يتفاءل خيرا ، لأجل تغيير قد يحمله ، أو اجراء صارم يعيد الأمور على الأقل الى نصابها يتخذه ، أو تحرك من شأنه أن يحرك المياه الآسنة بهذه المديرية خصوصا ، و معها بعض المديريات الأخرى كمديرية النواصر و مديرية سطات و مديرية المحمدية و غيرها .

ان الوضع الحالي لقطاع التعليم بهذه الجهة أي جهة الدار البيضاء سطات ، يتفاقم بين اليوم و الآخر و يزداد عمق التردي فيه للتسيب الذي طبع التسيير الاداري و الفوضى العارمة التي لم تجد من يتصدى لها ، أو حتى يحرك جانبا من شأنه أن يشعر المخلين أن هناك ادارة تراقبهم و أن هناك مساطر ادارية صارمة ستطولهم ، حتى يكونوا عبرة لكل من سولت له نفسه أن يهين موظفين شرفاء و أن يجعل من المؤسسة بمثابة ضيعة تابعة له ، فأين الأكاديمية من كل ما يقع ؟ أم انها معجبة بذلك و تشجع على المزيد ؟

ان من بين أبرز العوامل التي ساهمت في هذا التقهقر تلك الاختلالات و التجاوزات الجسيمة، فكان ضحيتها الأولى أبناء الجهة من الأطر والمتعلمين على حد سواء ، و زاد من هذا الوضع تعقيدا غياب رؤية استراتيجية متكاملة تعيد للأكاديمية دورها الريادي، وسط تفاقم مؤشرات الهدر المدرسي والتهميش التربوي، وتراجع جاذبية مناصب المسؤولية داخلها، حيث ظلت العديد من الأقسام والمصالح شاغرة لسنوات. فهل تُعيد الوزارة الوصية ترتيب أوراقها لإحياء هذه الأكاديمية  من جديد حتى يمكنها مواكبة الاصلاح المنشود و تنفيذ البرامج طبقا للتعليمات الرسمية ؟ أم أن الجفاف التربوي سيستمر في خنق الآمال، وتأجيل الإصلاح المنشود في جهة طالما كانت سبّاقة في المبادرة والإبداع؟ و هل ستتحرك الأكاديمية لوضع حد للتسيب و الفوضى و التجاوزات الادارية الخطيرة مع ترتيب الجزاءات لا سيما و أن مؤسسات تعليمية شهدت وقفات احتجاجية عارمة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى