
قبس بريس:
في ليلة كروية لا تُنسى، صنع المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة ملحمة جديدة في سجل الكرة الوطنية، بعد انتصاره الباهر والمستحق على نظيره الأمريكي بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، مساء الأحد 12 أكتوبر، في مباراة ربع نهائي كأس العالم للشباب.
هذا الفوز، الذي وصفه المراقبون بـ”الخيالي”، لم يكن مجرد عبور إلى نصف النهائي، بل كان درسًا في الإصرار، والروح الجماعية، والحنكة التكتيكية التي تؤكد أن كرة القدم المغربية تسير بثبات نحو العالمية.
منذ الدقائق الأولى، ظهر المنتخب المغربي بعزيمة لا تلين، ضاغطًا على دفاع المنتخب الأمريكي، ومترجمًا نضجه الفني بتمريرات دقيقة وسرعة في التحول من الدفاع إلى الهجوم.
وجاء الهدف الأول في الدقيقة 23 بعد هجمة جماعية رائعة ختمها المهاجم إلياس البوغازي بتسديدة قوية استقرت في الشباك الأمريكية، لتشعل مدرجات الملعب التي غصّت بالمشجعين المغاربة.
الرد الأمريكي لم يتأخر كثيرًا، إذ تمكن لاعبوه من تعديل الكفة في الدقيقة 34 عبر كرة ثابتة، أعادت التوتر إلى المباراة وأشعلت الحماس من جديد.
لكن “أشبال الأطلس” رفضوا الانكسار، فكان الرد قويًا ومنظمًا، حين سجل اللاعب آدم بنحمو الهدف الثاني بعد مجهود فردي رائع على الجهة اليمنى، منهيا الشوط الأول بتقدم مغربي مستحق 2-1.
في الشوط الثاني، واصل المنتخب المغربي تفوقه التكتيكي والبدني، مع إغلاق محكم للمساحات واعتماد ذكي على المرتدات السريعة، ليأتي الهدف الثالث القاتل في الدقيقة 78 بتوقيع يوسف غرواني، الذي استغل تمريرة سحرية من وسط الميدان، وأودع الكرة ببراعة في المرمى الأمريكي، معلنًا عن تأشيرة العبور التاريخي إلى نصف النهائي.
وصف المتتبعون هذا الانتصار بأنه “موقعة مغربية محكمة”، مزجت بين الصلابة الدفاعية والانضباط الجماعي والخيال الهجومي، مؤكدين أن هذا الجيل الذهبي يمثل ثمرة مشروع كروي متكامل تشرف عليه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ويترجم رؤية ملكية طموحة جعلت من تكوين الشباب قاعدة أساسية للنهوض بالكرة الوطنية.
مدرب المنتخب، في تصريح بعد المباراة، عبّر عن فخره باللاعبين قائلاً:
“ما شاهدتموه اليوم ليس صدفة، بل نتيجة عمل لسنوات في مراكز التكوين المغربية. نؤمن بأننا قادرون على الذهاب إلى أبعد مدى في هذه البطولة، والمغرب اليوم يحلم بالعالمية.”
وبهذا الفوز، يضرب المغرب موعدًا مثيرًا في نصف النهائي أمام الفائز من مباراة الأرجنتين والبرازيل، في مواجهة ينتظرها الجمهور المغربي والعربي بشغف كبير، وسط طموح مشروع لبلوغ نهائي تاريخي قد يُعيد للأذهان إنجازات “أسود الأطلس” في المونديال الأخير.
ملحمة جديدة تُكتب بأقدام مغربية شابة، ترسم معالم المستقبل، وتؤكد أن كرة القدم في المغرب لم تعد مجرد حلم… بل أصبحت حقيقة تصنعها الأجيال القادمة.